إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
شرح القواعد الأربعة
24690 مشاهدة
عبادة الأنبياء والصالحين من دون الله

...............................................................................


لما حكى الله تعالى مقالة اليهود والنصارى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ .
فدل على أنهم مشركون بهذه الكلمات، وهي قولهم: عيسى ابن الله، عزير ابن الله، أنهم مشركون. فكذلك الذين قالوا: الملائكة بنات الله، أو الذين عبدوا الملائكة ودعوهم من دون الله، فالله تعالى يجمعهم مع الشياطين التي أضلتهم. فالنبي صلى الله عليه وسلم قاتل الجميع، وكفرهم وسماهم مشركين.
ولم يستثن من يعبد الصالحين؛ بل ذكر أنهم شرار الخلق في حديث أم سلمة لما ذكرت للنبي -صلى الله عليه وسلم- كنيسة اسمها مارية في أرض الحبشة وذكرت ما فيها من الصور، فقال: أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله فسماهم شرار الخلق، وما ذكر من فعلهم إلا أنهم يدفنون الرجل الصالح، ويبنون عليه مسجدا، ويصورون صورته عند قبره، ويتحرون الصلاة في ذلك المسجد، وأمام تلك الصورة، ويتحرون الدعاء والتعبد عنده، وذلك بلا شك دعاء لذلك الميت الصالح، مع أنه زَكَّاه النبي عليه السلام، وسماه رجلا صالحا؛ فدل على أنهم يعبدون الصالحين.
فكذلك القبوريون الذين يعبدون هذه المعبودات، فالله تعالى بَرَّأَ ملائكته من هؤلاء، وقال تعالى: وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أي: معبودين، لا يأمركم بعبادة هؤلاء الملائكة ولا النبيين، ولكن يأمركم بعبادة الله، أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ؟! فدل على أن مَنْ دعا الملائكة، أو عبدهم، وعبد النبيين فإنه يصبح كافرا.
والنبي صلى الله عليه وسلم قاتل الجميع، ما فرَّقَ بينهم، وسماهم جميعا مشركين، قال الله تعالى: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ هذه الآية في سورة الأنفال، وفي سورة البقرة ليس فيها التأكيد: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ .
فالمعنى: قاتلوا جميع هؤلاء المشركين، سواء كان شركهم بالأنبياء أو بغيرهم، حتى يكون الدين كله لله، الدين يعني: العبادة والطاعة تقربا، وجميع أنواع العبادة تكون كلها لله، فمن صرف منها شيئا لغير الله فقد أشرك.
ثم ذكر هذه الأدلة، تدل على أن هناك من يعبد غير الله من المشركين الأولين، كما كان في المشركين المتأخرين، فالذين يعبدون الصالحين ذكر الله تعالى عنهم قوله تعالى في سورة الإسراء: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا يعني: الذين تزعمون أنهم ينفعونكم، ادعوهم، هل يكشفون الضر عنكم؟ هل يقدرون على تحويله من حالة إلى حالة؟ أم من شخص إلى شخص؟ ثم قال بعدها: أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ يعني: أولئك الذين تدعونهم أيها المشركون.
وفي قراءة: أولئك الذين تدعون يبتغون الوسيلة إلى الله، أي يتقربون إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة كوسيلة. والوسيلة هي: القربى- يعني: صلاتهم وسيلة، وعبادتهم وسيلة، ودعاؤهم وسيلة، وجهادهم وسيلة، وأذكارهم وقراءتهم. يبتغون الوسيلة إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة، فأيهم أقرب: الداعي أم المدعو؟ المدعوون عباد صالحون، يبتغون الوسيلة إلى الله تعالى، وهؤلاء المشركون يدعونهم من دون الله، فأيهم أقرب؟!
ثم قال: وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ يعني: أولئك الذين تدعونهم أيها المشركون. تعم هذه الآية كُلَّ مَنْ عبد صالحا، وذلك الصالح يدعو الله.
قيل: إنما المراد بها الذين يعبدون الأولياء، أو الذين يعبدون عيسى وأمه، أو الذين يعبدون العزير وقيل: إنها نزلت في أناس كانوا يعبدون الجن، فأسلم الجن، وتمسك هؤلاء بدينهم- يعني: بشركهم، وصاروا يعبدون الجن، فقال الله: أولئك الذين تدعونهم من الجن هم خير منكم؛ لأنهم الآن يبتغون الوسيلة إلى ربهم، يعني: يتقربون إليه بالأعمال الصالحة، فأيهم أقرب؟ أولئك المسلمون من الجن؟ أم هؤلاء المشركون من الإنس؟
والآية كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية عامة في كل من يعبد صالحا، وذلك الصالح يعبد الله، سواء كان حيا أو ميتا. يعني: إذا كانت الأموات من الصالحين، فالمعنى: أن الذين تعبدونهم من الصالحين هم خير منكم، لأنهم عبدوا الله، وتقربوا إليه بالقربات، وأخلصوا له الدين، وابتغوا إليه الوسيلة، وخافوه، ورجوه، فيرجون رحمته، ويخافون عذابه، ولو كانوا أنبياء أو صالحين، فإن من كان بالله أعرف كان منه أخوف. فالأنبياء لما كانوا يعرفون الله حق معرفته كانوا أشد خوفا منه، وكذلك الصالحون، وكذلك الملائكة.